الملحن عبد السلام عامر:
ازداد الموسيقار عبد السلام عامر سنة 1941 بمدينة القصر الكبير، اقليم العرائش شمال المملكة المغربية· دخل الكتاب وحفظ القرآن الكريم، ثم تابع دراسته الابتدائىة والثانوية الى مستوى السنة الخامسة، وهو حاصل على الشهادة الثانوية >بروفي< يتقن اللغة الاسبانية·
عرف منذ صغره بذكائه الحاد وسرعة البديهة وموهبة الحفظ لكل ما يسمعه من معارف أدبية وفنية للمرة الثانية والثالثة على أبعد تقدير، واشتهر بحفظه عن ظهر قلب للعديد من القطع الغنائىة الشرقية والمغربية كالموسيقى الاندلسية والطرب الغرناطي والأمداح النبوية وفن السماع والتجويد والانشاد عن طريق الزوايا والاذاعة، ويحفظ الكثير من قصائد الملحون·
مارس الشعر والمسرح وفن التلحين بموهبته الفائقة، لا يعرف العزف على أية آلة موسيقية، لم يولد أعمى ولكن هذه العاهه أصابته منذ صغره ورافقته طوال حياته حتى وفاته·
أعماله الفنية الأولى كانت من انتاجه كلمة ولحنا وأداء، أول قطعة سجلها بصوته هي قصيدة >رمضان< ثم تلتها قصيدة >قالت لي روح< وبعدهما قطعة زجلية بعنوان >مبان خيال حبيبي الغالي< وقطعة >الساقية والبير< سجلت هذه الاغاني بالاذاعة الجهوية لمدينة >طنجة<·
ولقيت نجاحا طيبا، غير أن عبد السلام عامر في مرحلته الثانية ولونه الشعري الفني الجديد آمن وقرر على الرغم من صوته الجميل التشبث بقضية الاختصاص أي التلحين فقط·
المرحلة الابداعية الثانية استهلها بقصيدة >آخر آه< للشاعر المجدد المرحوم محمد الخمار الگنوني، أداء المطرب الموهوب عبد الوهاب الدكالي، وبعد صراع مرير مع معارضيه في إذاعة الرباط المركزية سجلت بالاذاعة الجهوية بمدينة فاس برئاسة الفنان الكبير أحمد الشجعي· وبعدها جاءت قطعة شعرية أخرى بعنوان >حبيبتي< لنفس الثلاثي وسجلت كذلك مع جوق الاذاعة الجهوية لمدينة فاس برئاسة الفنان أحمد الشجعي ولقيت هذه الأغنية نجاحا منقطع النظير كسابقتها >آخر آه< وتعدى صيتهما حدود الوطن ليصل الى دول المغرب العربي كخطوة أولى، غير أنه للأسف الشديد توقف العمل بين هذا الثلاثي الرائع لظروف مجهولة·
غير أن الموسيقار عبد السلام عامر استطاع بحسه المرهف وبحثه الرصين الوصول الى شاعر موهوب رقيق الشعور والاحساس هو الاستاذ عبد الرفيع جواهري الذي اخترق مع عامر الحدود والآفاق بالكلمة واللحن والأداء كانت أعمالا وستظل في مجملها باقة ورد تسحر العقول والقلوب·
اختار عبد السلام عامر للمرحلة الثالثة من عطائه الرائع التعامل مع صفوة من الأصوات الجميلة المتمكنة كالمطرب الكبير عبد الهادي بلخياط ، والمطرب الرفيق محمد الحياني والفنان عبد الحي الصقلي والفنان الموهوب اسماعيل أحمد وعصفورة الشرق الفنانة سعاد محمد والفنانة المقتدرة بهيجة ادريس ومجموعة اخرى من الفنانين والفنانات لا يتسع المجال لذكرهم·
حقق الموسيقار عبد السلام عامر نجاحا باهرا في عالم التلحين واعترف به جميع أهل الطرب والغناء كما رددت اعماله الملايين من المستمعين والهواة والمحترفين غير أن هذا النجاح تعرض لنكسة ومحنة أسكتت وأوقفت نشاط هذا الفنان الملحن العملاق لمدة من الزمن حتى ظهو الحق وصدر العفو·
سافر عبد السلام عامر الى مصر >القاهرة< مع عبد الهادي بلخياط وعبد الحي الصقلي، بَرَّا عبر المغرب العربي·
بقصد التواصل الفني ونشر الأغنية المغربية، اتصل بموسيقار الاجيال الأستاذ محمد عبد الوهاب وقدم له رفقة أصدقائه >سمفونية القمر الاحمر< شعر عبد الرفيع جواهري وغناء عبد الهادي بلخياط والفنانة بهيجة إدريس فاستمع اليها عبد الوهاب مرتين، فأعجب وتعجب من روعة ودقة وجودة هذا العمل الفريد وقال >يشرفني أن أضع هذا العمل الفني الجميل في خرانتي الموسيقية<·
اجتاز عبد السلام عامر خلال تواجده بمصر اختبارا في ميدان التلحين ليقبل كملحن ويصنف في الدرجة التي يستحقها وبعد سماع اللجنة لألحانه رقته فورا الى الدرجة الأولى مع كبار ملحني الشرق·
تعرف عبد السلام عامر بمصر على عدة فعاليات في ميدان الموسيقى والطرب وفن الغناء فتعلم واستفاد وقدم منتوجه وأجاد ومر بالعديد من الاحداث والوقائع علمته معنى الحياة، ثم عاد الى أرض الوطن وفي حقيبته جديد الأعمال: وطنية - عاطفية - دينية - اجتماعية·
أهم الشعراء الذين تعامل معهم عبد السلام عامر: الشاعر محمد الخمار الگنوني - الشاعر عبد الرفيع جواهري - الزجال حسن المفتي - الشاعر مصطفى عبد الرحمان - الشاعر عمر أبو ريشة وغيرهم·
أهم الاعمال التي لحنها: قصيدة >القمر الأحمر< قصيدة >ميعاد< قصيدة >الشاطئ< غناء عبد الهادي بلخياط شعر عبد الرفيع جواهري - وقصيدة الشاطئ للشاعر مصطفى عبد الرحمان· ثم قصيدة >راحلة< وقصيدة >قصة الأشواق< للشاعر عبد الرفيع جواهري· ثم قصيدة >دنيا< للشاعر عمر أبو ريشة وقراءة الشاعر الأديب فاروق شوشه وغناء عصفورة الشرق الفنانة سعاد محمد، وهناك مجموعة من القصائد الملحنة لازالت تحتفط بها زوجته·
تزوج عبد السلام عامر من الدار البيضاء ولم ينجب أطفالا عاش يتيم الأب مرتبطا بأمه وعاشقا لمدينته القصر الكبير·
توفي الموسيقار عبد السلام عامر يوم الاثنين 14 ماي سنة 1979 بمستشفى ابن سينا بالرباط على اثر عملية جراحية أجريت له لاستئصال الدودة الزائدة وهو مصاب بمرض السكري، ونقل جثمانه الى مدينة الدار البيضاء بدلا من مسقط رأسه القصر الكبير وذلك حسب توصيته ودفن بمقبرة الشهداء وهو لم يكمل بعد الأربعين (40) سنة من عمره الحافلة بالمفاجآت والتحديات والعطاءات الجيدة الممزوجة بحب الله والوطن والمقدسات رغم كيد الكائدين وبغض المبغضين في الميدان